آلة العود لوحة فنية مرئية ومسموعة، إن تأملتها فرحت بجمالها الساحر المرسوم
 |
| Nazih ghadban |
العود لوحة فنية مرئية ومسموعة، إن تأملتها فرحت بجمالها الساحر المرسوم بألوان الخشب الطبيعي، وإن سمعتها سُررت وطُربت لشجي صوتها وما تحتويه من مقامات وألحان. هذه اللوحة أبدعها صانع ماهر وحاذق، فنان يتقن عمله ويتحلى بصفات عديدة تمكّنه من النجاح في صنعته.
ترتكز صنعة العود على ضمير مهني مستقيم وسويّ يقوِّمها في مختلف مراحلها ويرنو بها نحو الأكمل، كي يأتي العمل خالداً بمرور الزمن.
إن صنعة العود تتطلب خبرة واسعة لا تتوفر إلا بعد عشرات السنين من العمل المتواصل والتجارب العديدة، ويرافق الخبرة هذه نظر ثاقب "الملاحظة" في دقائق الأمور (القياس بالملاحظة- اللون-الشكل-الصوت…) لأن هذه الصنعة لا تعتمد فقط على قانون صارم يحكمها، بل أيضاً على ذوق فني يزيدها رونقاً وجمالاً.
إن صناعة الآلات الموسيقية على العموم، والعود على وجه الخصوص، تتطلب ثقافة موسيقية تصقل هذه الصنعة ودراية بأصول العزف وقواعده. فلا يمكننا أن نتصور عوداً صحيحاً صنعه إنسان لا يلمّ بأصول العزف ولا يميل إلى الفنون الجميلة. فأساس كل عمل ناجح هي الرغبة التي تكمن وراء تحقيقه وإن زالت الرغبة لم يعد للنجاح إلاّ أملا ضعيفا".
إن صنعة العود على الخصوص، والآلات الموسيقية على العموم، ليست كسائر الصنع. يقول الين كاربونار (ALAIN CARBONARE) (1 ): «تبدأ صنعة الآلات الموسيقية بمعرفة واسعة للغابة وأشجارها وهي الوسيط بين الطبيعة والموسيقى». إنها تتطلب مهارة عالية لأنها تؤلف بين «الموسيقى» و«النجارة»، وهذه الأخيرة لا تكون إلا بمعرفة دقيقة لأنواع الخشب وعلاقته بالصوت ومدى مقاومة كل نوع من أنواعه وتفاعله وانتقاء الصالح والجميل منه لضمان ثباته بمرور الزمن( 2). فالتآلف والانسجام والتكامل بين فنّي النجارة والموسيقى ضروري في صنعة العود كي يكون العمل متكاملاً, إذ لا يمكن أن نعتمد على العلم بمفرده دون تجربة وخبرة الصانع في صناعة الآلات الموسيقية. «ويحدّد البروفسور «شارلز تايلور» بدقة قلق خلط الفن والعلم في صناعة الآلات الموسيقية في برنامج متلفز على محطة BBC 1989 ويخلص إلى القول أن العلم يساعد في إنجاز آلات وأشكال موحدة بشكل متقن وليس بالضرورة الوصول إلى مستوى ستراديفاريوس لأننا بالحقيقة لا نعلم ما هي حقيقة الحالة والسر عنده.
وهناك حقيقة حاضرة على علاقة بأشهر وأهم صانعي الغيتار الذين يعتمدون على العلم في صناعة الآلات دون الخبرة والتجربة ويفشلون في التأثير على الموسيقيين بواسطة الآلات التي يصنعونها. إن العلم يخبرنا عن الطريق الذي يسلكه الغيتار ليصبح آلة موسيقية ولكن العلم يبدأ أحياناً بالتخبط عندما ينصح الصانعين بتجاربه إزاء مهاراتهم وبراعتهم. عادة يقوم الصانعون بالتحليل العلمي للآلة التي صنعوها ويصححون طريقة عملهم نتيجة لهذا التحليل والاستعلام عن الآلة. ولا بد من الإشارة إلى «جيبسن» من صانعي الغيتار المشهورين الذي أقحم العلم فاعتمد على الطريقة العلمية في صناعة الآلات وأسند الأمر إلى ثلاثة علماء في (الفيزياء-الكيمياء-علم السمعيات) وبعد أبحاث امتدت سنتين لم تنتشر غيتاراته شعبياً وقد أسقطها من كاتالوغه وعاد بعدها إلى طريقة الاختبار والتجربة. ولكن العلم والتكنولوجيا تفيد في صناعة الآلات بالجملة (أي في المصنع) وتجعلها على حدّ أدنى من الثبات»( 3).
فهذه الصنعة تتطلب معرفة بالهندسة الوصفية «Géométrie Descriptive» وفي أسس علم الجمال «Esthétique» كي يظهر الشكل متناسقاً متوازناً ومبنياً على أسس هندسية تجعله أكثر ثباتاً وقوة وأبهى منظراً وجمالاً.
كما أنها ترتكز على مبادئ علم الصوت «Acoustique» والأوتار المهتزة «Cordes Vibrantes» والصدى «Echo» التي تساعد في ضبط القياسات المطلوبة في صناعة العود. إذ لا يمكننا أن نعتمد قياسات تقليدية كأنموذج لقياس غير مدروس نعممه -كما هو حاصل في أيامنا- في صناعتنا دون الرجوع إلى مبادئ علم الصوت. فالقياس العلمي الدقيق في صناعة العود (طول الوتر-طول الزند-قياس القمريات-تسليح الصدر…) لا يدع مجالاً للاحتمال والشك في قوة الصوت وضعفه، في ارتفاعه وانخفاضه وفي طنته أو مدة مكوثه(4)، وإن انعدم القياس أو اختل فسد الصوت وبقي الشكل.
--------------------------------------------------------------
1- الين كاربونار: أحد أشهر صانعي الآلات الفرنسيين في أشهر مركز لصناعة الآلات الموسيقية في مدينة ميركور (MIRECOURT).
2 - مواصفات الخشب المستعمل في صنعة العود أربع: أ-علاقته بالصوت ب-جمال الخشب ج-مدى مقاومته د-الرطوبة.
3 -Tony Bacon- The Ultimate guitar book - 1993- P 10-11
4- الخلعي، محمد كامل: الموسيقى الشرقية- ص 18 و25.
إن صنعة العود تتطلب خبرة واسعة لا تتوفر إلا بعد عشرات السنين من العمل المتواصل والتجارب العديدة، ويرافق الخبرة هذه نظر ثاقب "الملاحظة" في دقائق الأمور (القياس بالملاحظة- اللون-الشكل-الصوت…) لأن هذه الصنعة لا تعتمد فقط على قانون صارم يحكمها، بل أيضاً على ذوق فني يزيدها رونقاً وجمالاً.
إن صناعة الآلات الموسيقية على العموم، والعود على وجه الخصوص، تتطلب ثقافة موسيقية تصقل هذه الصنعة ودراية بأصول العزف وقواعده. فلا يمكننا أن نتصور عوداً صحيحاً صنعه إنسان لا يلمّ بأصول العزف ولا يميل إلى الفنون الجميلة. فأساس كل عمل ناجح هي الرغبة التي تكمن وراء تحقيقه وإن زالت الرغبة لم يعد للنجاح إلاّ أملا ضعيفا".
إن صنعة العود على الخصوص، والآلات الموسيقية على العموم، ليست كسائر الصنع. يقول الين كاربونار (ALAIN CARBONARE) (1 ): «تبدأ صنعة الآلات الموسيقية بمعرفة واسعة للغابة وأشجارها وهي الوسيط بين الطبيعة والموسيقى». إنها تتطلب مهارة عالية لأنها تؤلف بين «الموسيقى» و«النجارة»، وهذه الأخيرة لا تكون إلا بمعرفة دقيقة لأنواع الخشب وعلاقته بالصوت ومدى مقاومة كل نوع من أنواعه وتفاعله وانتقاء الصالح والجميل منه لضمان ثباته بمرور الزمن( 2). فالتآلف والانسجام والتكامل بين فنّي النجارة والموسيقى ضروري في صنعة العود كي يكون العمل متكاملاً, إذ لا يمكن أن نعتمد على العلم بمفرده دون تجربة وخبرة الصانع في صناعة الآلات الموسيقية. «ويحدّد البروفسور «شارلز تايلور» بدقة قلق خلط الفن والعلم في صناعة الآلات الموسيقية في برنامج متلفز على محطة BBC 1989 ويخلص إلى القول أن العلم يساعد في إنجاز آلات وأشكال موحدة بشكل متقن وليس بالضرورة الوصول إلى مستوى ستراديفاريوس لأننا بالحقيقة لا نعلم ما هي حقيقة الحالة والسر عنده.
وهناك حقيقة حاضرة على علاقة بأشهر وأهم صانعي الغيتار الذين يعتمدون على العلم في صناعة الآلات دون الخبرة والتجربة ويفشلون في التأثير على الموسيقيين بواسطة الآلات التي يصنعونها. إن العلم يخبرنا عن الطريق الذي يسلكه الغيتار ليصبح آلة موسيقية ولكن العلم يبدأ أحياناً بالتخبط عندما ينصح الصانعين بتجاربه إزاء مهاراتهم وبراعتهم. عادة يقوم الصانعون بالتحليل العلمي للآلة التي صنعوها ويصححون طريقة عملهم نتيجة لهذا التحليل والاستعلام عن الآلة. ولا بد من الإشارة إلى «جيبسن» من صانعي الغيتار المشهورين الذي أقحم العلم فاعتمد على الطريقة العلمية في صناعة الآلات وأسند الأمر إلى ثلاثة علماء في (الفيزياء-الكيمياء-علم السمعيات) وبعد أبحاث امتدت سنتين لم تنتشر غيتاراته شعبياً وقد أسقطها من كاتالوغه وعاد بعدها إلى طريقة الاختبار والتجربة. ولكن العلم والتكنولوجيا تفيد في صناعة الآلات بالجملة (أي في المصنع) وتجعلها على حدّ أدنى من الثبات»( 3).
فهذه الصنعة تتطلب معرفة بالهندسة الوصفية «Géométrie Descriptive» وفي أسس علم الجمال «Esthétique» كي يظهر الشكل متناسقاً متوازناً ومبنياً على أسس هندسية تجعله أكثر ثباتاً وقوة وأبهى منظراً وجمالاً.
 |
| Nazih ghadban |
--------------------------------------------------------------
1- الين كاربونار: أحد أشهر صانعي الآلات الفرنسيين في أشهر مركز لصناعة الآلات الموسيقية في مدينة ميركور (MIRECOURT).
2 - مواصفات الخشب المستعمل في صنعة العود أربع: أ-علاقته بالصوت ب-جمال الخشب ج-مدى مقاومته د-الرطوبة.
3 -Tony Bacon- The Ultimate guitar book - 1993- P 10-11
4- الخلعي، محمد كامل: الموسيقى الشرقية- ص 18 و25.
تعليقات
إرسال تعليق
بلغ عن اي رابط لا يعمل : شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم